للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس: "هو محمدٌ دنا وتدلى من ربه".

وحكي عن ابن عباس أيضًا: "هو الربُّ دنا من محمَّد، فتدلَّى إليه؛ أي: أمرُه وحكمُه" (١).

قال القاضي أبو الفضل -رضي الله عنه- في كتاب "الشفا": فاعلم أن ما وقع في إضافة الدنو والقرب من الله أو إلى الله، فليس بدنو مكان ولا قرب حدًّا، بل كما ذكرنا عن جعفر الصادق: "فليس بدنو حَدّ، وإنما دنوُّ النبي من ربه وقربُه منه إبانةُ عظيم منزلته، وتشريف رتبته، وإشراق أنوار معرفته، ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته، ومن الله تعالى له مبرة وتأنيس، وبسط وإكرام" (٢).


(١) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ١٩٧)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٢٥١).
(٢) انظر: "الشفا" للقاضي عياض (١/ ٢٠٤)، وقول ابن عباس السالف منه. وقال القاضي في نهاية هذا الكلام: ويتأول فيه ما يُتأول في قوله: "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا". وذكر الإمام ابن الجوزي في "زاد المسير" (٨/ ٦٥) ما يؤيد قولَ ابنِ عباس الأخير بما روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: دنا الجبَّار ربُّ العزة فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى. اهـ وهذا القول متأوَّل على ما ذكر القاضي عياض. ومن المعلوم أن أكثر العلماء على أن هذا الدنو والتدلي منقسم ما بين جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم، أو مختص بأحدهما من الآخر ومن السدرة المنتهى. كما ذكر النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (٣/ ٤).