للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{مِنَ الْفَجْرِ} بيان للخيطِ الأبيضِ، واكتفى ببيان الخيطِ الأبيضِ عن بيانِ الأسودِ؛ لدلالتِهِ عليه، ولما أنزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}، ولم ينزلْ منَ الفجر، كان رجالٌ إذا أرادوا الصوم، ربطَ أحدُهم في رِجْليه الخيطَ الأبيضَ والخيطَ الأسودَ، ولا يزالُ يأكلُ ويشربُ حتى يتبينَ له رؤيتُهما، فأنزل الله: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أَنَّما يعني الليلَ والنهارَ (١)، والفجرُ فجرانِ: كاذبٌ، وصادقٌ، فالكاذبُ يطلُعُ أولًا مستطيلًا يصعَدُ إلى السماء، فبطلوعِهِ لا يخرجُ الليلُ، ولا يحرُمُ الطعامُ والشرابُ على الصائم، ثم يغيبُ فيطلُعُ بعدَهُ الصادقُ، ينتشرُ سريعًا في الأفق، ولا ظلمةَ بعدَه، فبطلوعِه يدخلُ النهار، ويحرمُ الطعامُ والشرابُ على الصائم.

{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" (٢).

{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ} المباشرةُ: الجِماعُ، نزلَتْ فيمَنْ كان يعتكِفُ في المسجد، فإذا عَرَضَتْ له حاجةٌ إلى امرأته، خَرَجَ فجامَعَها، ثُمَّ اغتسلَ فرجعَ إلى المسجد.


(١) رواه البخاري (١٨١٨)، كتاب: الصوم، باب: قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ....}، ومسلم (١٠٩١)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر ... ، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(٢) رواه البخاري (١٨٥٣)، كتاب: الصوم، باب: متى يحل فطر الصائم، ومسلم (١١٠٠)، كتاب: الصيام، باب: بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.