للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختلفوا في الدماء المتعلِّقَةِ بالإحرام بمن تختصُّ تفرقتُها؟ فقال أبو حنيفة: لا يجوزُ الذبحُ إلا بالحرم، ولا يختصُّ تفرقتهُ بأهله، وقال مالكٌ: ليس شيءٌ منها مخصوصًا، وجائز أن يفعلَها حيثُ شاء بمكةَ وغيرِها، والاختيارُ أن يأتيَ بالكفارة حيثُ وجبتْ عليه، فإن أتى بها في غيره، أجزأت عنه، وقال الشافعيُّ: الدمُ الواجبُ بفعلِ حرامٍ أو تركِ واجبٍ لا يختصُّ بزمانٍ، ويختصُّ ذبحُه بالحرم، ويجب صرفُ لحمِه إلى مساكينه، إلَّا دمَ الإحصار فحيث أُحصِرَ، وقال أحمدُ: كلُّ هديٍ أو إطعامٍ فهو لمساكين الحرم، إلا فديةَ الأذى والإحصار, فحيث وجدا، ولهُ تفرقتُها في الحرم أيضًا، أما الصومُ فيجزئ بكلِّ مكانٍ بالاتفاق.

{فَإِذَا أَمِنْتُمْ} من خوفكم، وبرئْتُم من مرضِكم.

{فَمَنْ تَمَتَّعَ} ومعنى التمتع {بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} في قول ابن عباسٍ وعطاءٍ وجماعةٍ: هو الاستمتاعُ بعدَ الخروجِ من العمرةِ بما كان محظورًا عليه في الإحرام إلى وقتِ إحرامِه بالحج، وقيل: هو الاستمتاعُ والانتفاعُ بالتقرُّبِ بها إلى الله تعالى قبلَ الانتفاعِ بالتقرُّب إلى الله تعالى بالحج (١)، {فَمَنْ} شرطٌ محلُّه رفعٌ ابتداء، وجوابُه:

{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي: عليه دمٌ، شاةٌ يذبحُها، لأنه ترفق بأداء النُّسكين في سَفْرَةٍ واحدةٍ، وكذا القارنُ بشرطِ ألَّا يكون (٢) من حاضري المسجدِ الحرامِ بالاتفاق، ويلزمُ دمُ التمتُّع بطلوعِ الفجرِ يومَ النحر عندَ أبي حنيفةَ وأحمدَ، وعند مالكٍ والشافعيِّ بإحرامِ الحجِّ، وإذا وجبَ، جازَ


(١) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ١٧٩).
(٢) في "ن": "أن يكون".