للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} نزلت في جميلةَ بنتِ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابنِ سلولَ وزوجِها ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شماس، وكان يحبُّها، وهي تُبْغِضُه، وكان قد أعطاها حديقةً، فافتدَتْ بها نفسَها منهُ، وهو أولُ خُلْعٍ في الإسلام (١).

{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي: على الزوج فيما أخذ، ولا على الزوجة.

{فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} نفسَها من المال؛ لأنها ممنوعةٌ من إتلافِ المالِ بغيرِ حقٍّ، وهذه الآيةُ دليلُ جواز الخُلْعِ بسؤالِ الزوجةِ على مالٍ تفتدي به نفسَها.

واختلفَ الأئمهُّ في الخلع، فقال الثلاثةُ: هو تطليقةٌ بائنةٌ، وقال أحمدُ: هو فَسْخُ عِصْمَةٍ إذا وقعَ بلفظِ خُلْعٍ، أو فَسْخٍ، أو مفاداةٍ لا يُنقصُ عدد الطلاقِ، وهو قولُ ابن عباسٍ، وعبدِ الله بنِ عمَر، واحتجَّ ابن عباس بقولهِ تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ثم قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} فذكرَ تطليقتين والخلعَ وتطليقةً بعدها، ولم يَكُ للخُلْعِ حكمٌ يُعْتَدُّ به، فلو كان الخلعُ طلاقًا، لكانَ الطلاق أربعًا، ولأنَّها فُرْقَةٌ خلَتْ عن صريح الطلاقِ ونيتهِ، فكانتْ فسخًا كسائر الفُسوخِ، ومن قالَ: هو طلقةٌ، جعل الطلقة الثالثة: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} أي: هذه أوامرُه ونواهيه.


= القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٢٧)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٥٨)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٧٤).
(١) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ٤٦٢)، و"تفسير البغوي" (١/ ٢٢٨)، و"الدر المنثور" للسيوطي (١/ ٦٧٠).