للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحابةِ؛ كمصحفِ ابنِ مسعودٍ، وما كُتِبَ عن الصحابةِ بالشام، ومصحفِ أُبَيٍّ -رضي الله عنه-، وغير ذلك، وكان في ذلك اختلافٌ حسب السبعةِ الأحرفِ التي أُنزل القرآنُ عليها.

ولما كانَ في حدودِ سنةِ ثلاثينَ من الهجرةِ النبوية (١) الشريفةِ في خلافةِ عثمانَ -رضي الله عنه- حضرَ حذيفةُ بنُ اليمانِ فتحَ أرمينيةَ وأَذربيجانَ، فرأى الناسَ يختلفونَ في القرآنِ، ويقولُ أحدُهم للآخَرِ: قراءتي أصحُّ من قراءتِكَ، فأفزعَهُ ذلكَ، وقدمَ على عثمان -رضي الله عنه-، وقال: أدركْ هذه الأمةَ قبل أن يختلفوا اختلافَ اليهودِ والنصارى، فأرسلَ عثمانُ إلى حفصة؛ أن أرسلي إلينا بالصُّحف ننسخُها، ثم نردُّها إليك، فأرسلَتْها إليه، فأمرَ زيدَ بنَ ثابتٍ وعبدَ الله بنَ الزبير، وسعيدَ بنَ العاص، وعبدَ الرحمن بنَ الحارث بنِ هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال: إذا اختلفتم أنتم وزيدٌ في شيء، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزلَ بلسانهم، فكتب منها عدةَ مصاحفَ؛ فوجَّه بمصحفٍ إلى البصرة، ومصحفٍ إلى الكوفة، ومصحفٍ إلى الشام، وتركَ مصحفًا بالمدينة، وأمسكَ لنفسِهِ مصحفًا الذي يقال له: الإمام، ووجَّه بمصحفٍ إلى مكة، وبمصحفٍ إلى اليمن، وبمصحفٍ إلى البحرين، وأمرَ بما سواها من المصاحف أن تحرق -بحاء مهملة-، أو تخرق -بخاء معجمة على معنى، ثم تدفن (٢).


(١) "النبوية" زيادة من "ن".
(٢) رواه البخاري (٤٧٠٢)، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- نحوه.