للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لينظرَ ما قَدْرُ جُرحِه، فأُتى بنبيذ (١) فشربه، فخرجَ من جُرْحِه، فلم يدرِ أَنبيذ هو أم دم؟ فدعا بلبن فشربه؛ فخرج من جرحه، فقالوا: لا بأس عليك يا أَمير المؤمنين! فقال: إن يكن القتل بأسًا فقد قتلت، فجعل الناس يثنون عليه، يقولون: جزاك الله خيرًا يا أَمير المؤمنين! كنتَ وكنتَ، ثمَّ ينصرفون، ويجيءُ قومٌ آخرون يثنون عليه، فقال عمر: أَمّا والله على ما تقولون؛ ودِدْتُ أَنّي خرجت منها كفافًا لا عليَّ ولا لي، وأنَّ صحبةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَلِمَت لي.

فتكلّم ابنْ عباس وكان عند رأسه، وكان خَليطَه؛ كأَنّه من أَهلِه، وكانَ ابن عباس يُقرئه القرآن، فتكلّم ابن عباس فقال: لا والله لا تخرج منها كفافًا، لقد صحبتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فصحبته وهو عنك راضٍ بخير ما صحبه صاحب، كنتَ له، وكنت له، وكنت له، حتّى قُبضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنك راضٍ، ثمَّ صحبتَ خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فكنت تنفذ أَمره، وكنت له، وكنت له، ثمَّ وُلِّيتَها يا أَمير المؤمنين! أَنتَ، فَوَليتها بخير ما وليها [والٍ] (٢)؛ وإنك كنتَ تفعل، وكنتَ تفعل، فكانَ عمر يستريح إِلى حديث ابن عباس، فقال له عمر: كرّر [عليَّ] حديثَك، فكرر عليه.

فقال عمر: أَما والله على ما تقول؛ لو أنَّ لي طِلاع (٣) الأَرض ذهبًا


(١) النبيذ: منقوع التمر أو غيره مما يكون فيه شراب حلو، ويسمى نبيذًا وإن لم يسكر.
(٢) الأَصل: (ما وليها وإنك)! والتصحيح من "طبعة المؤسسة" و"مسند أبي يعلى".
(٣) بكسر الطاء؛ أَي: ما يملأ الأرض ذهبًا حتّى يطلع عنها ويسيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>