للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد أعلّ البخاري رحمه الله تعالي أحاديث كثيرة بهذه العلة، وإن كان أكثرها ضعيفا من جهة الإسناد أيضا:

١ - فقد ذكر البخاري في كتابه «الضعفاء الصغير» (١) في ترجمة حشرج بن نباتة أنه سمع سعيد بن جمهان عن سفينة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر وعثمان: «هؤلاء الخلفاء بعدي»، ثم قال البخاري: وهذا حديث لم يتابع عليه؛ لأن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب قالا: لم يستخلف النبي صلي الله عليه وسلم.

وذكر البخاري هذا أيضا في «تاريخه الكبير» (٢)، وفي «تاريخه الأوسط» (٣).

فقد أعلّ البخاري الحديث بمناقضته الأحاديث الصحيحة التي تنفي أن يكون النبي صلي الله عليه وسلم نص علي تعيين أحد للخلافة بعده.

فقد روى الشيخان في صحيحيهما (٤) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: قيل لعمر: ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني: أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني: رسول الله صلي الله عليه وسلم.

وروى البخاري (٥) عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلي الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس: يا أبا حسن، كيف أصبح رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئا. فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له: أنت والله بعد ثلاث عبد العصا (٦)، وإني والله لأري رسول الله صلي الله عليه وسلم سوف يتوفي من وجعه هذا؛ إني


(١) ص ٧٩ برقم ٩٩.
(٢) (٣/ ١١٧).
(٣) (١/ ٣٣٦).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف: ٦٠٢ ح ٧٢١٨، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة - باب الاستخلاف وتركه: ١٠٠٥ ح ١٨٢٣.
(٥) في كتاب المغازي - باب مرض النبي صلي الله عليه وسلم ووفاته: ٣٦٥ ح ٤٤٤٧.
(٦) هو كناية عمن يصير تابعا لغيره، والمعني أنه يموت بعد ثلاث، وتصير أنت مأمورًا عليك. وهذا من قوة فراسة العباس رضي الله عنه. فتح الباري (٨/ ١٤٣).

<<  <   >  >>