للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمته ألا يترك العباد بلا رسل تبلغهم وحي الله، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (١).

قال ابن القيم (٢): «فإن رحمته تمنع إهمال عباده، وعدم تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم، فمن أعطى اسم «الرحمن» حقه عرف أنه متضمن لإرسال الرسل، وإنزال الكتب، أعظم من تضمنه علم إنزال الغيث، وإنبات الكلأ، وإخراج الحب، فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح، لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب، وأدرك منه أولو الألباب أمرًا وراء ذلك».

خامسًا: من قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فإن من تمام ملكه أن يكون له رسل وكتب يبثها في أقطار مملكته لتبليغ أوامره ونواهيه.

سادسًا: من قوله - تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} إذ كيف يحاسب ويجازي الخلق إلا بعد إقامة الحجة عليهم بإرسال الرسل، كما قال - تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (٣).

قال ابن القيم (٤): «فإنه اليوم الذين يدين الله العباد فيه بأعمالهم فيثيبهم على الخيرات، ويعاقبهم على المعاصي والسيئات، وما كان الله


(١) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧
(٢) في «مدارج السالكين» ١: ٣١
(٣) سورة النساء، الآية:١٦٥
(٤) في «مدارج السالكين» ١: ٣١

<<  <   >  >>