للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعز مني: عثمان بن عفان. قال: فدعاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب أحد، وإنما جاء زائرا لهذا البيت، معظما لحرمته. فخرج عثمان حتى أتى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه، وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] قال: واحتبسته قريش عندها، قال: وبلغ رسول الله أن عثمان قد قتل.

قال محمد: فحدثني الزهري: أن قريشًا بعثوا سهل بن عمرو، وقالوا: ائت محمدًا فصالحه ولا يكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدًا. فأتاه سهل بن عمرو فلما رآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل". فلما انتهى إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكلما وأطالا الكلام، وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح، فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب فأت أبا بكر فقال: يا أبا بكر، أو ليس برسول الله؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال أبو بكر: يا عمر، الزم غرزه حيث كان، فإني أشهد أنه رسول الله. [ثم] قال عمر: وأنا أشهد. ثم أتى رسول الله فقال: يا رسول الله، أو لسنا بالمسلمين أو ليسوا بالمشركين؟ قال: "بلى" قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال: "أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيعني". ثم قال عمر: ما زلت أصوم وأصلي وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن يكون خيرا. قال: ثم دعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] فقال: اكتب: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". فقال سهل بن عمرو: ولا أعرف هذا، ولكن اكتب: "باسمك اللهم، فقال رسول الله: "اكتب باسمك اللهم.

هذا ما صلح عليه محمد رسول الله، سهل بن عمرو"، فقال سهل بن عمرو: ولو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله، وسهل بن عمرو، على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى

<<  <   >  >>