للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الثاني:

أنّ الضياء المقدسي أخرج الحديثَ في كتابه "الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما" (١) في "مسند عبد الله بن حنظلة" (٢)، ومن المعلوم عند المتخصصين أنّ الضياء في كتابه هذا التزم الصحة (٣) غير أنّه ربما أورد بعض الأحاديث المروية بأسانيد جيدة لتعرف علتها، وقد نبه على ذلك في المقدمة فقال: ((فهذا أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم إلاّ أنني ربما ذكرتُ بعض ما أورده البخاريّ معلقاً، وربما ذكرت أحاديث بأسانيد جياد لها علةٌ، فنذكر بيان علتها حتى يُعْرَف ذلك)) (٤).

فربما اختطف باحثٌ حديثاً من المختارة، ولا ينظر في منهجية الضياء في هذا الحديث المعين فيتجوّز فيقول: صححه الضياء!.

بينما لو رجعنا إلى كتاب الضياء لوجدناه أخرج الحديث ثم نَقَلَ كلامَ الحافظِ أبي القاسم البغويّ في إعلال هذا الحديث وترجيح وقف الحديث على التابعي كعب الأحبار، ولم يتعقب الضياءُ البغويَّ في هذا الإعلال والترجيح.

ومما يؤكد هذا أنَّ من عادة الضياء تعقب المنتقد والمُعل عند عدم موافقته (٥).


(١) انظر كلام المحقق على عنوان الكتاب (١/ ٦٠)، وما يهمنا أنّ ما وُجِدَ بخط المؤلف "الأحاديث المختارة"، والعنوان الآخر "المستخرج .. " بخط الحافظ محمد المقدسيّ ابن أخ الضياء، ولا منافاة بين العنوانين.
(٢) انظر: ص ١٢٩ من هذا البحث.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في منهاج السنة (٧/ ٩٦): ((وليس كل ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروف بالكذب عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف، وشرطه في المسند أمثل من شرط أبي داود في سننه ... ثم زاد ابنه عبد الله على مسند أحمد زيادات، وزاد أبوبكر فقطيعي زيادات وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة)).
(٣) فتح المغيث (١/ ٤٣)، تدريب الراوي (١/ ١٤٤).
(٤) الأحاديث المختارة (١/ ٦٩).
(٥) انظر: مقدمة المحقق (١/ ٢٧)، وانظر أمثلةً من تعقبات الضياء لنقاد الحديث في أحكامهم على الأحاديث: (١/ ٨١، ١٤١، ٥٣٠، ٣/ ٩٧، ٢٠٥، ٣٣٤، ٤/ ٢٠٦، ٥/ ١٢٠، ٦/ ١٩٨، ٢٩٢، ٩/ ٤٠٨) وغيرها كثير.

<<  <   >  >>