للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبَ بعضُ أهلِ الظاهرِ إلى أنه واجبٌ على الأعيانِ (١).

وقال بعضُهم: بل على الجَماعة (٢).

وقال بعضُهم: في السَّفَرِ خاصَّةً، واستدلُّوا بفعل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأمرِه ودوامِه عليه (٣).

* إذا تقررَ هذا، فقد فَهِمْنا من الآية أن النِّداءَ للصَّلاة لا يكونُ إلا بعدَ دخُولِ وَقْتِها؛ لأنه لا يُنادى لفعلِ شَيْءٍ قبلَ جَوازِ فِعْلِه، وعلى هذا أجمعَ أهلُ العلمِ في جميعِ الصَّلَواتِ، إلا صلاةَ الصُّبْحِ.

فذهبَ مالِكٌ والشافعيُّ إلى جَوازه قبلَ الفَجْرِ (٤)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلوا واشربوا حتى تَسْمعوا أَذانَ ابنِ أُمِّ مَكْتومٍ" (٥).

قال الشافعيُّ في كتابِه القديمِ: أخبرنا بعضُ أصحابِنا عن الأعرج عن إبِراهيمَ بنِ محمدِ بنِ عمارةَ عن أبيهِ عن جَدِّهِ عنْ سعد القُرظيّ قال: أَذَّنَّا في زمانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي زَمَنِ عُمَرَ بالمدينة، فكان أذانُنا للصبحِ لوقتٍ واحدٍ في الشتاءِ لِسُبُعٍ ونصْفٍ يَبْقى، وفي الصَّيْفِ لِسُبُعٍ يبقى (٦).

قال: وأخبرَنا ابنُ أبي الحباب الخزاعيُّ، وكانَ قد زادَ على الثمانين،


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٤٠٠).
(٢) وهو قول ابن حزم. انظر: "المحلى" لابن حزم (٣/ ١٢٢).
(٣) انظر: "المدونة الكبرى" (١/ ٦١)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٤٠٠).
(٤) وهو مذهب أحمد. انظر: "الموطأ" للإمام مالك (١/ ٧١)، و"الأم" للإمام الشافعي (١/ ٨٣)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ٢٤٦).
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) في "ب": "يبقى منه". والحديث باطل كما قال ابن الصلاح والنووي وابن الملقن والبدر العيني وغيرهم. وانظر: "خلاصة البدر المنير" (١/ ٨٩)، و"تلخيص الحبير" (١/ ١٧٩)، و"عمدة القاري" (٥/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>