للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغُزاة على فِعْلٍ يفعلهُ زيادةً عن السهمِ المقسومِ له.

ومنه قولُ ابنِ عُمر -رضي الله تعالى عنهما-: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُنَفِّلُ بعضَ من يبعثُ منَ السَّرايا لأنفُسِهم خاصَّةً، سوى قَسْمِ عامَّةِ الجيشِ (١).

ومنه الآية على ما روي عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ يومَ بدرٍ: "من فعلَ كَذا وكذا، فَلَهُ كذا وكذا"، فتسارع الناسُ إلى ذلكَ، الشُّبَّانُ منهم، وثبتَ الشيوخُ تحتَ الراياتِ، فلما فتحَ الله عليهم، جاؤوا يطلبونَ شَرْطَهُمْ، فقال الشيوخُ: لا تستأثِروا علينا به (٢)، كنا رِدْءاً لكم، لو انْهَزَمْتُم، لانْحَزْتُمْ إلينا، وأتى الشبابُ وقالوا قد جَعَلَهُ رسولُ الله لنا، فتنازَعوا، فأنزل اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ} (٣) [الأنفال:١].

وقيل: المرادُ بالأنفال هنا بعضُ مالِ الغنيمةِ، وهو الخُمُسُ، فرويَ عن مجاهِدٍ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الخُمُسِ بعدَ الأربعةِ الأَخْماسِ، فقالَ المُهاجرون: لمن ندفعُ هذا الخمس، لمن لا يخرج منا؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} (٤) [الأنفال: ١].

فإن قلتَ: فهذه الآيةُ يعارضُها قولُه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الأنفال: ٤١]،


(١) رواه البخاري (٢٩٦٦)، كتاب: الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، ومسلم (١٧٥٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الأنفال.
(٢) "به" ليس في "أ".
(٣) رواه أبو داود (٢٧٣٧) كتاب: الجهاد، باب: في النفل، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٢٣٢)، والحاكم في "المستدرك" (٢٥٩٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٩١).
(٤) رواه الطبري في "التفسير" (٩/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>