للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يردُ الخطابُ بأمرَينِ على مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ كقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] فالإيتاءُ واجِبٌ، والأَكْلُ مُباحٌ، وكقولهِ تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: ٤٩] , وهوَ في الحُكْمِ كالآيةِ الواحدةِ التي يَرِدُ بعضُها على العُموم، وبعضُها على الخصوص (١).

[فصل]

* ويتِمُّ بيانُ النَّهي في مَسْألتينِ:

إحداهُما: النَّهْيُ يقْتَضي التَّحْريم (٢)، وليسَ له إلا وَجْهٌ واحِدٌ عندَ الإمامِ أبي عبدِ الله الشافعي -رضيَ اللهُ تَعالى عنه -، والمَنْهِي عنهُ ضَرْبانِ:

أحدُهما: أن يكونَ أصلُ الذي وقعَ فيه النَّهْيُ التَّحْريمَ والمَنْعَ، ثُمَ أَحَلّه الشرعُ بِشُروطٍ، ونُهِيَ الإنسانُ أنْ يَفْعَلَهُ على وَجْهٍ مِنْ وجوه النهي، فإذا فَعَلَهُ على الوَجْهِ المَنْهِيِّ عنهُ، فهو عاصٍ، وفعلُه فاسدٌ مَنْقوضٌ، وذلكَ كالنَّهْي عن بَيع الغَرَر، وبَيْعٍ وشَرْطٍ، وما أَشْبَهَ ذلكَ، وكالنكاحِ المَنْهِيِّ عنه؛ كَنِكاح المُتْعَةِ، ونكاح الشغارِ (٣)، فهوَ عاصٍ بفِعْلِهِ، وفعلُهُ فاسِدٌ.


(١) كما تقدم في (ص: ٧٩) وما بعدها.
(٢) الخلاف في هذه المسألة هو نظير الخلاف في مسألة: الأمر للوجوب أم لا، المتقدمة، فما قيل هناك يقال هنا.
انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ٦٦)، و"شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: ١٦٨)، و"الإبهاج" للسبكي (١/ ٢/ ٦٥)، و"مفتاح الأصول" للتلمساني (ص: ٦٨)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (١/ ٤٨٣)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ١٠٩).
(٣) نكاح الشغار: هو أن يزوِّج الرجل حريمته على أن يزوِّجه المزوَّجُ حريمة له أخرى، ويكون مهر كل واحدة منهما بُضْع الأخرى، كأنهما رفعا المهر، وأخليا البضع عنه. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ٤٨٢)، و"أساس البلاغة" =

<<  <  ج: ص:  >  >>