للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعها: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (١) [البقرة: ٢٢٢].

فإن قلتم: فهل نجدُ ما يدل على أنَّ المرادَ بالمتطهرين المتطهرين بالماء؟

قلت: نعم، قوله تعالى في أهل قباء: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:١٠٨].

وكلمة (من) في قوله تعالى {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] قيل: إنها بمعني (في) أي: في حيث أمركم الله، وهو الفرج؛ كقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩]، فالإتيان مستحب، وكونُه في المحلِّ المَخْصوصِ واجب بإجماع المسلمين، فلا يحل لمؤمن إتيانُ امرأته في دُبُرِها.

وقيل: إن (من) على حقيقةِ وضعِها، والمعنى: مِنْ حيثُ نهاكُم اللهُ عنهُ، وأَمَرَكُم باعتزاله، وهو أحسنُ؛ لأن الله سبحانه عَقَبَهُ بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (٢) [البقرة: ٢٢٢].

فعن مجاهد: المتطهرين من إتيانِ النساءِ في (٣) أدبارهن (٤).

والمتنزِّهُ عن المحل المكروهِ مُتَطَهِّرٌ، كما حكى الله سبحانه عن قوم لوط: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: ٨٢].


(١) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٢٢٨)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ٤١٩)، و"المجموع" للنووي (٢/ ٣٩٧).
(٢) انظر معنى "من" في الآية في: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢٨٩)، و "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٢٣٥)، و "تفسير الرازي" (٣/ ٢/ ٧٥)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (١/ ٢٢٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ٨٦).
(٣) في "ب": "من".
(٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣٩١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>