للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتاني (١) ابنُ عَمٍّ لها (٢)، فخطبها إليّ، فزوجتُها إياه، واصطحبا ما شاء الله أن يصطحبا، ثم طلَّقها طلاقًا له عليها رجعةٌ، ثم تركها حتَّى انقضتْ عِدَّتُها، فخطبها مع الخُطَّابِ، فقلت: يا لُكَعُ (٣)! خُطِبَتْ إليَّ أختي، فمنعتُها الناسَ، وخطبتَها إليَّ، فآثرتك بها، وأنكحتُكَ، فطلقتَها، ثم لم تخطِبْها حتَّى انقضت عدَّتُها، فلما جاءني الخاطب يخطبها، جئْتَ تخطبها! لا واللهِ الَّذي لا إله إلا هو ما أنكحتُكَها أبدًا.

وقال: ففيَّ نزلت هذه الآية، فقلت: سمعًا وطاعة، فزوجتها إياه، وكَفَّرْتُ عن يمينى (٤).

* فإن قلتم: فهل في الآية دليلٌ على أن أمر النكاح إلى الأولياء؛ لأن اللهَ سبحانَه نهاهم عن عَضْلهن، ولو تُصُوِّر نكاحٌ بدون وليٍّ، لم يتصور عَضْلٌ؟

قلنا: نعم، قال الشافعيُّ -رحمه الله تعالى-: إنما يؤمر بألّا يعضلَ المرأةَ من له سببٌ إلى العَضْل؛ بأن يتمَّ به نكاحُها، وهذا أبين ما في القرآنِ أنَّ للأولياءِ مع المرأةِ في نفسِها حقًا، وأن على الوليِّ ألَّا يعضلها إذا رضيت أن تنكَحَ بالمعروف (٥).


(١) في "ب": "أتى".
(٢) في "ب": "لي".
(٣) اللُّكَعُ: اللئيم، والعبد، والأحمق، ومَنْ لا يتّجه لمنطقٍ ولا غيره، والمهر، والصغير، والوسخ، ويقال في النداء: يا لُكَع، وللاثنين: يا ذَوَيْ لُكَع. "القاموس" (مادة: لكع)، (ص: ٦٨٥).
(٤) رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٩٣٠)، ومن طريقه النسائي في "السنن الكبرى" (١١٠٤١). وقد رواه البخاري (٤٨٣٧)، كتاب: النكاح باب: لا نكاح إلا بولي، بلفظ نحوه.
وانظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٧٤ - ٧٦)، و"العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (ص: ٤٠٥ - ٤٠٧).
(٥) انظر: "الأم" للشافعي (٥/ ١٢)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (١٠/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>