للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التطوُّعِ، والأصحُّ الجواز (١).

* وفي الآيةِ عندي دليلٌ على وجوب الحَجِّ على الكافرِ المستطيعِ؛ لتناولِ العُموم له، وظهوره فيه، وتعقيبه بقوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

وقد قدمت الخلاف فيه في مقدمة هذا الكتاب، والصحيحُ وقوعُ التكليفِ عليه (٢)، ولا خلافَ بينَ أهلِ العلم أنَّ الإسلامَ شرطٌ للصحة، وإن اختلفوا في كونِه شَرْطًا للوجوب؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، فخطابه سبحانه بكونه غنيًا عن عباده في مَعْرِضِ الإهانةِ والتوبيخ دليلٌ على بطلانها (٣).

* وتمسكَ بعضُ أهل الظاهر في وجوب الحجِّ على العبد بالآية (٤)، وخالفهم (٥) عامة أهلِ العلم؛ لأنه غير مستطيع، بدليل قوله: {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥]، وللإجماع (٦).


(١) الاستنابة في حج التطوع عن حي ليس بمعضوب: لا تجوز عند الشافعية بلا خلاف.
أما النيابة عن المعضوب: ففيه قولان عندهم، أصحهما الجواز. انظر: "المجموع" للنووي (٧/ ٩٦).
(٢) الكافر في حال كفره لا يطالب بفعل الحج، لكنه واجب عليه، متوجه التكليف عليه به، وهذا مبناه على مسألة أصولية وهي: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ والصحيح أنهم مخاطبون بذلك. وقد تقدمت المسألة والتحقيق فيها في مقدمة الكتاب.
(٣) أي: بطلان عبادته.
(٤) انظر: "المحلي" لابن حزم (٧/ ٣٦).
(٥) في "ب": "وخالفه".
(٦) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٣٣٢)، و"المغني" لابن قدامة (٥/ ٤٤)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>