للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو اقتصرَ على قولِ: (وعليكم (١) السلامُ)، فهذا هو الواجُب؛ لأنه مثلُ تحيةِ المُسَلِّمِ، ولو اقتصرَ على قوله: وعليكم، فالصحيحُ عندَ الشافعيةِ واختيار إمامِ الحرمين أنه لا يكفي؛ لأنه ليسَ مثلَ سلامِهِ في اللفظِ والإيناسِ (٢).

والصوابُ أنه يكفي؛ لِما ثبتَ في "صحيح مسلم" من اقتصاره في ردِّه - صلى الله عليه وسلم - على أبي ذَرٍّ (٣) في حديثِ إسلامِه (٤) (٥).

وعلى قياسِ هذا ما إذا قالَ المُسَلِّمُ: (السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه)، فقال الرادُّ: (وعليكم)، وينبغي أن يكونَ مَكْروهاً؛ لقلة إيناسِه، والله أعلم.

ومقتضى عمومِ الآية أنَّ الكِتابيَّ إذا قال: (السلامُ عليكم) أَنَّهُ يجبُ الردُّ عليهِ؛ لأنه حيّانا بتحية اللهِ (٦)، ولستُ أعلمُ فيه نَقْلاً عنِ السَّلَفِ.

وأما الغائبُ، فكذلك أيضاً يجبُ ردُّ السلامِ عليه (٧)، أَرْسَلَ بهِ، أو كَتَبَ به (٨).


(١) في "أ": "وعليك".
(٢) انظر: "المجموع" للنووي (٤/ ٥٠٢).
(٣) لكن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم في الجواب على أبي ذر: "وعليك ورحمة الله".
(٤) رواه مسلم (٢٤٧٣)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي ذر -رضي الله عنه -.
(٥) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٦/ ٣٠)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (٤/ ٢٧١)، و"فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٤٦).
(٦) انظر: "أحكام أهل الذمة" لابن القيم (١/ ٤٢٥).
(٧) وروي عن ابن عباس أنه كان يرى رد الكتاب واجباً كما يرى رد السلام. انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (٢٦٣٦٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٣/ ١٩٣).
(٨) انظر: "الأذكار" للنووي (ص: ١٩٥)، و"الأشباه والنظائر" للسيوطي=

<<  <  ج: ص:  >  >>