للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشاطبي -رحمه الله-: "السنة إنما جاءت مبينة للكتاب وشارحة لمعانيه، ولذلك قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، وقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧]، وذلك التبليغ من وجهي: تبليغ الرسالة وهو الكتاب، وبيان معانيه، وكذلك فَعَل -صلى الله عليه وسلم- فأنت إذا تأملت موارد السنة وجدتها بيانا للكتاب، هذا هو الأمر العام فيها" (١).

وقال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: "فهم المعنى والمراد منها -يعني الآيات القرآنية-؛ موقوف على معرفة أحوال الرسول، وسيرته مع قومه وأصحابه، وغيرهم من الناس، فإن الأزمنة والأمكنة والأشخاص تختلف اختلافا كثيرا.

فلو أراد الإنسان أن يصرف همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفةٍ منه لذلك؛ لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى مراد الله من كلامه، شيء كثير" (٢).

ومما يصلح إيراده هنا؛ ما تقدم من أمثلة على التفسير النبوي الفعلي، ولعلي أضيف عليه ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- إنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن (٣).

وفي لفظ عنها -رضي الله عنها- قالت: ما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن نزلت عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] إلا يقول فيها: (سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) (٤).


(١) الموافقات ٣: ٢٣٠
(٢) تيسير الكريم الرحمن ١: ١٤
(٣) أخرجه البخاري رقم (٨١٧) في الأذان: باب التسبيح والدعاء في السجود، و (٤٩٦٨) في التفسير: سورة النصر، ومسلم رقم (٤٨٤) (٢١٧) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٤٩٦٧) في التفسير: سورة النصر، ومسلم رقم (٤٨٤) (٢١٩) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>