للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعَوالي، قال: فغضبتُ يومًا على امرأتي، فإذا هي تُراجعني، فأَنكَرتُ أن تُراجعَني، فقالت: ما تُنكِرُ أن أُراجِعَك، فواللهِ إنَّ أزواجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيُراجِعْنَه، وتَهجُرُه إحداهُنَّ اليوم إلى الليل. قال: فانطلقتُ، فدَخَلتُ على حفصةَ، فقلتُ: أتُراجِعينَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم. قلتُ: وتَهجُرُه إحداكُنَّ اليومَ إلى الليل؟ قالت: نعم. قلتُ: قد خاب مَن فَعَل ذلك منكنَّ وخَسِرَ، أَفَتأمَنُ إحداكُنَّ أن يغضبَ اللهُ عليها لغضب رسولِه، فإذا هي قد هَلَكت؟ لا تُراجعي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئًا، وسَلِيني ما بدا لكِ، ولا يَغُرَّنَّكِ أن كانت جارَتُكِ هي أوسمَ وأحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكِ. يريد: عائشة.

قال: وكان لي جارٌ من الأنصار، وكنَّا نتناوبُ النزولَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يَنزلُ يومًا، وأَنزلُ يومًا، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك.

قال: وكنَّا نتحدَّث أنَّ غسَّانًا تُنعِلُ الخيلَ لتغزُونَا، فنزل صاحبي يومًا، ثم أتى عشاءً فضَرَب بابي، ثم ناداني، فخَرَجتُ إليه، فقال: حَدَثَ أمرٌ عظيمٌ. فقلتُ: وماذاك، أجاءت غسَّانُ؟ قال: لا، بل أعظمُ من / (ق ٣٤٣) ذلك وأطولُ، طلَّق رسولُ الله عليه وسلم نساءَه. فقلتُ: قد خابَتْ حفصةُ وخَسِرَتْ، قد كنتُ أظنُّ هذا كائنًا، حتى إذا صلَّيتُ الصبحَ شَدَدتُ عليَّ ثيابي، ثم نَزَلتُ، فدَخَلتُ على حفصةَ وهي تبكي، فقلتُ: أطلَّقكنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لا أدري، هو هذا معتزلٌ في هذه المَشْربة (١). فأتيتُ غلامًا له أسودَ، فقلتُ: استأذِنْ لعمرَ، فدخل الغلام، ثم خَرَج إليَّ، فقال: قد ذَكَرتُك له فصَمَت، فانطلقتُ، حتى أتيتُ المنبرَ، فإذا عنده رَهْطٌ


(١) المَشربة: بضمِّ الراء وفتحها، الغرفة العالية. «الفتح» (٥/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>