للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة، ونحوهم

* وذَكَر عند قوله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} (١) ما نصُّه: فإن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج، وكان مبدأهم بسبب الدنيا، حين قَسَم النبي صلى الله علي وسلم غنائم حنين، فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القِسمة، ففاجأوه بهذه المقالة، فقال قائلهم، وهو ذو الخويصرة -بَقَر اللهُ خاصرتَه-: اعدل، فإنك لم تعدل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني»، فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب، وفي رواية: خالد بن الوليد في قَتْله، فقال: «دعه، فإنه يخرج من ضئضئ هذا -أي: من جنسه- قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قَتَلهم» (٢)، ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقَتْلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة، ثم انبعث القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

ومن ذلك: ردُّه على عبَّاد القبور من الصوفية:

* فقد ذَكَر في «البداية والنهاية (١٠/ ٢٦٢ - ٢٦٣) في ترجمة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ما نصُّه: قد بالغ


(١) آل عمران:
(٢) أخرجه البخاري (٣٦١٠) ومسلم (١٠٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>