للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا قول عمر بن الخطاب (١):

كيف نترك كتابَ ربِّنا لقول امرأة؟! فسيأتي (٢) في مسند فاطمة بنت قيس في حديثها الدالِّ على المنع من الإنفاق على المبتوتة وإسكانِها (٣)، وعمر أَنكَرَ ذلك، وجعل لها السُّكنى، وفَهِمَ من ظاهر الكتاب الوجوبَ.


(١) كذا جاء هذا الأثر في هذا الموضع.
وقول عمر هذا: أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢/ ١١١٨ رقم ١٤٨٠) (٤٦) في الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، من طريق أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سُكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى، فحَصَبه به، فقال: ويلك! تحدِّث بمثل هذا! قال عمرُ: لا نترك كتاب الله، وسُنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم لقول امرأةٍ، لا ندري لعلَّها حَفِظتْ أو نَسِيتْ، لها السُّكنى والنَّفقةَ، قال الله عزَّ وجلَّ: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
وقد أعلَّ هذا الخبرَ الإمامُ أحمد، فقال أبو داود: قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة ابنة قيس طلَّقها زوجها؟ قال: نعم، فذُكِرَ له قول عمرَ: لا نَدَعُ كتابً ربِّنا وسنَّةً نبيِّنا، فقال: كتابُ ربِّنا أيُّ شيء هو؟! قال الرجل: {أسكنوهن من حيث سكنتم} قال: هذا لمن يملك الرَّجعة. قال أبو داود: قلت: يصحُّ هذا الحديث عن عمرَ؟ قال: لا.
وقال ابن هانئ: قال أحمد: حديث فاطمة إنما هو حُكم فيها، لا في غيرها، وإنما تكون السُّكنى والنفقة على من يملك الرجعة، أما المطلقة ثلاثًا فلا سُكنى ولا نفقة.

انظر: «مسائل الإمام أحمد» (ص ٢٥٢ رقم ١٢١٣ - رواية أبي داود) و (١/ ٢٤٦ - رواية ابن هانئ).
(٢) يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن»، ومسانيد النساء ليس في المطبوع.
(٣) أخرجه مسلم (٢/ ١١١٤ رقم ١٤٨٠) (٣٧) في الموضع السابق، من حديث فاطمة -رضي الله عنها-: أنَّه طلَّقها زوجُها في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان أَنفَقَ عليها نفقةَ دُونٍ، فلمَّا رأت ذلك، قالت: والله لأُعلِمنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لي نفقةٌ أخذتُ الذي يُصلِحني، وإن لم تكن لي نفقةٌ؛ لم آخذْ منه شيئًا. قالت: فذَكَرتُ ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا نفقةَ لكِ ولا سُكنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>