للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا".

ــ

أسنده البزار والدارقطني وزادا فيه: "إن الكافر إذا أسلم وحَسُن إسلامُهُ، تُكْتَبُ له في الإسلام كلُّ حسنةٍ عملها في الكفر".

قيل: إنَّما حذف البُخاريّ تلك الزيادة؛ لأنها لم تكن على قانون الشرع. قلتُ: هذا كلام باطل، لأنَّ قانون الشرع إنَّما يؤخذ من الشارع، إذ لا دَخْل عندنا للحسن العقلي. فأيّ قانونٍ أعظمُ من الحديث الصَّحيح؟ وهل يتصوَّر حذف شيءٍ صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا اشتباه في معناه؟ وتوافق هذه الزيادة حديثَ حكيم بن حزام حيث قال له: "أسلمت على ما أسلفت عليه من الخير" حين مسألة حكيم عن أشياء كان يتحنث بها في الجاهلية كما سيأتي في البُخاريّ.

وأمَّا قول الفقهاء: لا تصحَّ العبادة بدون الإيمان. ذاك معنى آخر، ولا تلازم بين الصحة وحصول الثواب، فإن من صَلَّى ظانًّا أنَّه على وضوء -ولم يكن كذلك- ومات يحصلُ له الثواب، ولا صحة هناك.

(زَلَفها) -بتخفيف اللام وتشديدها- أي: قدمها. وروى ابن الأثير: أزلفها. والكل من الزلفة وهي القُرْبة أي: قَدَّمها تقربًا إلى الله تعالى (إلى سبعمئة ضِعْفٍ) قال ابن الأثير: ضعفُ الشيء مِثْلَاه. يقال: إن أعطيتني درهمًا أعطيتُك ضِعْفَه أي: مِثْلَيْهِ. وقال الأزهري: ضعف الشيء ما زاد عليه في كلام العرب، أقلّه الواحد ولا حَصْرَ لأكثره، والظاهر أن مراد الحديث الكثرةُ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١] بعد ذكره سبعمئة. وإليه أشار في بعض الروايات: "إلى سبعمئةٍ إلى ما شاء الله".

والتحقيقُ أن الأقل عشرة أمثال لا ينقص عنه. لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] وأمَّا نهايته فلا يعلمه إلَّا علَّامُ الغيوب. ألا ترى إلى ما رواه الشيخان: "من تصدَّق بعَدْلِ تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، فإن الله يُرَبّيه، كما يُرَبي أحدكم فُلُوَّهُ حتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>