للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِى يَلِيهِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِىُّ - أَوْ قَالَ غَيْرُهُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا». فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَاّ انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِى قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَاّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ. طرفه ٩٣٢

ــ

وإن كان أعمّ (فرفع يديه، وما نرى في السماء قَزَعَة) -بالقاف والزَّاي المعجمة وثلاث فتحات- القطعة من السّحاب (ثار السحاب) أي: ظهر، وقام من كل جانب (مطرنا ذلك اليوم، ومن الغد) أي: في الغد، و"من" زائدة؛ كما قاله الأخفش (حتى الجمعة الأخرى) بالجرّ أي: للجمعة.

فإن قلت: سيأتي في باب الاستقساء من رواية أنس: ما رأينا الشمس سبتًا بالباء الموحدة؟ قلت: عدم رؤية الشمس لا يستلزم وجود المطر، والأحاديث متعاضدة على أنه انقطع المطر يوم الجمعة.

(اللهم حَوَالينا ولا علينا) -بفتح الحاء- يقال: حَوله وحَواله وحَواليه؛ ولا يقال: حِواله بكسر الحاء (وصارت المدينة مثل الجوبة) -بفتح الجيم والباء الموحدة- هي الحفرة من الأرض (وسال الوادي قناة) -برفع التاء بلا تنوين- لأنه علم البقعة؛ واد من أودية المدينة، ويروى "قناه" بهاء الضمير؛ فعلى الأوّل بدل الكل من الوادي؛ وعلى الثاني: بدل بعض.

(ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجَوْد) -بفتح الجيم وسكون الواو- المطر الغزير.

وفي الحديث معجزتان ظاهرتان له - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أن الاستقساء في خطبة الجمعة جائز، ويكتفى فيه بصلاة الجمعة، وفيه أنه يجوز الدعاء لرفع المطر إذا أفرط وتجاوز عن حدّ النفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>