للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلَانَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. [الحديث ٤٣ - طرفه في: ١١٥١]

٣٤ - بَابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣] {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}

ــ

مضافٌ إلى ياء المتكلم، هو عروة بن الزُّبير، التَّابعي الجليل القَدْر، أحد الفقهاء السبعة (عن عائشة أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَل عليها وعندها امرأة) قالوا: هي الحولاء بنت تُوَيْتٍ بضم الفوقانية مصغر التوت مثناة في آخرها. من بني الأسد (فلانة) غير منون؛ لأنَّه كناية عن علم المرأة.

(تذكّر من صلاتها) أي: بعض شأن صلاتها، قيل: فاعل تذكّر عائشة. وهو سهو ظاهر، بل الفاعل فلانةُ، ومعنى تذكّر أي: كثرة صلاتها، فسّره رواية البُخاريّ في كتاب الصَّلاة. "لا تنامُ بالليل". (قال: مَهْ) بفتح الميم وسكون الهاء، اسم فعل أي: كُفّ، وانزجرْ. ثم استأنف بقوله: (عليكم بما تطيقون) أي: الزموا واكتفوا بالذي في وُسْعكم من غير مشقة، لأنَّ الإكثار يستلزم المَلَلَ، وإذا كان مع المَلَلِ لا ثواب له. وقد بيَّنه بقوله: (فوالله لا يَمَلُّ اللهُ حتَّى تمَلُّوا) المَلَلُ والسآمة من الأعراض النفسانية وهو على الله محالٌ. والمراد لازمُهُ وهو الإعراض. فإن مَنْ ملَّ عن شيء أعرض عنه، وإنَّما ذكره بلفظ المَلَلِ مشاكلةٌ لما قبله.

فإن قلتَ: الكلامُ مع النساء، فما وجهُ قوله: "عليكم"؟ قلتُ: الأصلُ في الأحكام الرجالُ. أجرى الكلام على ذلك القانون، ويدخل في الحكم النساءُ من باب الأولى، لأنَّ المَلَلَ إليهن أسرع، وسرّ المسألة أن الغرضَ من الطاعة ملاحَظة كبرياء الله تعالى وجلاله. وإذا ملَّ الإنسان فات ذلك. وقيل: معناه: إن الله لا يَملّ وإن مللتم. وهذا المعنى معلومٌ لكل أحدٍ إلَّا أنَّه ليس معنى الكلام لغة، ولا هو ملائم للمقام، لأنَّ غرضه الزجرُ عن العبادة مع المَلَلِ، فإنَّه لا فائدة فيه لأنَّه بيان كبرياء الله وتقديسه عن المَلَلِ. وقيل: معناه: إن الله لا يَمَلُّ مَلَلْتُم أنتم أم لم تَمَلّوا. وهذا قريبٌ من الأول. قال الكَرْمَاني: أقول: هذا صحيح؛ لأنَّ المؤمن أيضًا شأنه أن لا يملّ من العبادة. انظروا في هذا الكلام واعتبروا يا أولي الأبصار.

باب زيادة الإيمان

لم يذكر نقصانه، لأنَّ الزيادة تدل عليه، لأنَّ قابل أحد الضدين قابل للآخر. وفي بعضها مذكور (وقول الله تعالى) بالرفع؛ لأنَّه استئناف دليل على الترجمة. ويدل عليه قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>