للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَسُولٍ} [الجن: ٢٦، ٢٧]. والحكمة في عدم إطلاعه أحدًا على شيء من هذه الأمور الخمسة أنها من أحوال الإنسان العارضة له، فإذا كان الرسل الذين هم أقرب الخلق إليه لا يعلمون منها شيئًا مع أنها من عوارضهم؛ فيستدل به على أن إخبارهم بسائر المغيبات إنما هو بإعلام الله.

هذا؛ وأما التعبير تارة بالعلم، وتارة بالدراية، وتارة بالذكر وأخرى بذكر النفس؛ فتفننٌ في العبارات، واقتداء بالقرآن الكريم، وما يقال: إن الدراية أخصّ من العلم، فإنها علم بنوع حيلة؟ فليس بشيء، قال الجوهري: دريته، ودريت به: علمته، وأنشد قول الشاعر:

لا هم لا أدري وأنت الداري

فلو كانت دالة على نوع احتيال لم يصح إسناده إليه تعالى، وكذا ما يقال في إيثار النفس مع الموت والكسب: إن النفس هي الكاسبة والمائتة؛ وذلك أنّ المراد بالنفس هو الشخص، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزمر: ٣٠] فإن النفس باقية بعد الموت؛ لأن حقيقة الموت مفارقةُ النفس البدن.

ومعنى قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢] يأخذها من البدن وافية كاملة، ألا ترى إلى ما بعده من قوله تعالى: {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} [الزمر: ٤٢].

ولولا خوف الإطالة لأرخينا عنان القلم في مضمار التدقيق، ومن أراد الوقوف على فوائد محجوبة عن الأغيار فعليه بمطالعة آخر سورة لقمان في تفسيرنا: "غاية الأماني"، والله الموفق، له الفضل والمنّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>