للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ وَرُبَّمَا قَالَ: «المُقَيَّرِ» وَقَالَ: «احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ». [الحديث ٥٣ - أطرافه في: ٨٧ - ٥٢٣ - ١٣٩٨ - ٣٠٩٥ - ٣٥١٠ - ٤٣٦٨ - ٤٣٦٩ - ٦١٧٦ - ٧٢٦٦ - ٧٥٥٦]

ــ

مؤمنين مُقِرّين بالتوحيد، فحيثُ عدّ كلمة التوحيد أشار إلى أركان الإسلام، وحيث قال: أربع وأربع: أشار إلى ما وقع به التعليم.

قال بعضُهم معترضًا على النووي: هذا ليس بصحيحٍ؛ لأنَّ البُخاريّ عَقَدَ الباب على أن أداء الخمس من الإيمان، فلا بد من كونه داخلًا تحت أجزاء الإيمان. وهذا في غاية السقوط، لأنَّ الإيمان الكاملَ بِضْعٌ وسبعون شعبةً. وكون الخمس غير أحد الأمور الأربعة لا يخرجه عن كونه جزءًا، وكذا ما يقال: إن الخمسة تفسير الإيمان، والثلاثة الباقية متروكة إما نسيانًا أو اختصارًا. وقيل: القومُ كانوا مُقِرّين بالتوحيد وكلمة الشهادة، فالأربعة هي المذكورة بعدها ولم يذكر الحج؛ لأنَّه لم يكن واجبًا. وقد تقدَّم منّا أن ما ذكره في جواب جبريل سؤاله عن الإسلام جعله جوابًا لوفد عبد القيس في تفسير الإيمان دلالة على أن الإيمانَ والإسلامَ شيء واحد ذاتًا، وإن اختلفا مفهومًا.

فإن قلتَ: روى البُخاريّ في آخر باب الأنبياء: "الإيمان بالله وشهادة" بالواو، فما وجهه؟ قلتُ: هو من عطف المفصل على المجمل باعتبار التغاير اعتبارًا.

(ونهاهم عن أربع، عن الحنتم) -بفتح الحاء وسكون النون- الجرة الخضراء واحدها حنتمة. (والدباء) -بضم الدال والمدّ- القَرْعَةُ (والنقير) المنقور من الخشب (والمزفت) وربما قال: المقيّر أي: المطلي بالزفت والقير قيل: الحكمة في هذا: أنهم كانوا يلقون في الماء التمرات ليجذب ملوحة الماء. وهذه الأواني لا تنفذ فيها الريح. فربما صار خمرًا سريعًا، فكانوا قريبي العهد بالإسلام. فلما أشاع الإسلام ورسخوا فيه أباح الأواني المذكورة. ونسخ ذلك الحكم بقوله: "كنتُ نهيتكم عن الأشربة إلَّا في ظروف الأدم والظرف لا يحل شيئًا ولا يحرم. فاشربُوا في كل إناءٍ غيرَ أن لا تشربوا مسكرًا" ذَهَبَ مالك وأحمد إلى بقاء هذا الحكم، وكأنه لم يبلغهما هذا الحديث الذي رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>