للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٨٦ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ - رضى الله عنه - بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَإِنِّى لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا. ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمَرَ - رضى الله عنهما - لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَلَا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ».

ــ

١٢٨٦ - (ابن جريج) -بضم الجيم- مصغر، اسمه عبد الملك ([عبد الله بن] عبيد الله بن أبي مليكة) الأول مكبر، والثاني مصغر، وكذا مليكة. واسم أبي مليكة زهير (توفيت بنتٌ لعثمان بمكة) أي: بعد موت عثمان. واسم هذه البنت أم أبان (فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء) ألا: حرف تحضيض معناه الحث على النهي (فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) فقال ابن عباس: قد كان يقول عمر بعض ذلك في كلام ابن عباس إشارةٌ إلى أن ذلك ليس بمرضى، ثم ذكر مقالة عمر في ذلك لما بكى عليه صهيب، ثم ذكر لعائشة مقالة عمر. وإنكار عائشة عليه في ذلك، وحلفتْ أنَّه لم يقل ذلك. وإنما قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه؛ ولما كان لقائل أن يقول: ربما سمع عمر ما لم تسمع عائشة. استدلتْ بالآية وهي قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤].

فإن قلت: إذا لم يؤاخذ أحدٌ بذنب الآخر، فكيف قال: "إن الكافر ليعذب ببكاء أهله"؟ قلت: ذكرنا أنَّه كان من دأبهم الوصية بذلك. وإليه أشار في الترجمة بقوله: إذا كان من سنته.

واستدل ابنُ عباس أيضًا على ذلك بقوله: والله أضحك وأبكى. فليس للإنسان فيهما اختيار إلا ما كان من أمر الجاهلية. قال بعض الشارحين في توجيه كلام ابن عباس: فإن قلت: ما غرضُ ابن عباس من قوله: والله أضحك وأبكى في هذا المقام؟ قلتُ: لعل غرضه أن الكل بخلق الله. فله أن يعذبه من غير ذنب، ويكون البكاء عليه علامةً لذلك، أو له أن

<<  <  ج: ص:  >  >>