للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي المَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ؟ فَقَالَ: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ» فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ». فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.

ــ

دأب البلغاء يراعون حالَ المخاطب. ولما دَخَل المسجد بالجمل وسأل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أنه غيرُ ملتبس بأحدٍ، لما عليه من أنوار الرسالة وجلالة القدر، ثم لم يقل: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمثاله. بل قال: أيُّكم محمد؟ وكان متكئًا. ولا يمكن أن يكون غيرُهُ متكئًا بحضوره. ونظيرُهُ ما يُحكى عن علي العراقي مع شريح القاضي، لما وَرَد عليه، وقال: أين أنت؟ قال: بينَك وبين الحائط (أنا سائلك فمشدد عليك فلا تَجدْ عليَّ) أي: لا تغضب. يقال: وَجَد عليه وَجْدًا وموجدة أي: غضب (الله أرسك إلى الناس كلهم) يقال بالمدّ وتسهيل الهمزة بين بين قرئ بهما في السبع (قال: اللهم نعم) قوله: نعم، تقريرٌ لما سأله، و"اللهم": في قوة القَسَم، لأن تشديدَهُ في السؤال في قوة الإنكار (قال: أنشدُكُ) وفي بعضها: فقال، يقال: نشدتُ الله. ونشدته بالله. من النشيد وهو رفع الصوت، أو من النشدة وهو الطلب (أن نصليَ الصلوات) أي: بأن. حُذفت الباء كما اطّرد حذف الجار من أنْ وأنَّ (أنْ نصومَ هذا الشهرَ من السنة) يريدُ شهرَ رمضان. وإنما أطلقه لتعينه كقولهم: ركب الأمير (أن تأخذ هذه الصدقة) أي: الزكاة (من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا) استدل به الشافعي على عدم جواز نقل الزكاة، لأنه لما خصّ بفقرائهم قرره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فقال الرجل: آمنتُ بما جئتَ به) بحتمل أن يكون هذا ابتداءَ إسلامه، وأن يكون معناه الاستمرار؛ لأن من يعلم هذه الشرائع يبعُدُ أن لا يكون مؤمنًا (وأنا ضِمام بن ثَعْلبة) أشار إلى أنه من الأشراف المعروفين (أخو بني سعد بن بكر) هذا على طريقة العرب يقولون لمن نشأَ بين أقوام: أخو بني فلان. كقوله تعالى: {أَخُوهُمْ نُوحٌ} [الشعراء: ١٠٦] {ثَمُودَ أَخَاهُمْ} [الأعراف: ٧٣]. ونظائرهم. وقيّد سعدًا ببني بكر؛ لأن في

<<  <  ج: ص:  >  >>