للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَاّ قَسَمْتُهُ. قُلْتُ إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلَا. قَالَ هُمَا الْمَرْآنِ أَقْتَدِى بِهِمَا. طرفه ٧٢٧٥

ــ

هو ابن عثمان بن أبي طلحة العبدري الجمحي.

قال ابن عبد البر: ابن عثمان خرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين وهو مشرك، يريد غرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هلم" فقذف اللهُ الرعبَ في قلبه، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على صدره، وقال: "أخسأ عنك الشيطان" فأسلم وحَسُن إسلامه. وكان ممن ثبت يوم حنين ولم يفر.

(لقد جلس عمر هذا المجلس) أي: على هذا الكرسي (فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها) أي: في الكعبة (لا صفراء ولا بيضاء) أي: لا ذهب ولا فضة من كنز الكعبة.

(قلتُ: إن صاحبيك لم يفعلا) أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصدّيق (قال: هما المرآنِ أقتدي بهما) أي: الكاملان بين الرجال.

فإن قلت: لم توقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إنفاقه؟ قلتُ: جاء في رواية مسلم عن عائشة: "لولا قومك حديثو عهد بكفر، لأنفقتُ كنز الكعبة في سبيل الله".

فإن قلت: من أين كان هذا الكنز؟ قلتُ: من النُذُورات.

فإن قلت: أيُّ دلالة في الحديث على الكسوة للكعبة؟ قلتُ: الكنز الذي كان للكعبة كان يكسى منه البيت مع سائر ما يحتاج إليه، ولما فتح البلاد وقوي الإسلام وكنز المال رأى عُمر، أن ادخار ذلك المال مما لا ضرورة إليه.

قال بعض الشارحين: وجه مناسبة الحديث للترجمة أن الكعبة رُبّما كانت حين جلوس عمر مكسوة فلم ينكر، فلما قرره دلّ على جوازه، وليس بشيء؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان قرر ذلك كما تقدم في الباب قبله: أن يوم عاشوراء كان يومًا يكسى فيه البيت، وأيضًا تقرير عمر ليس فيه دليل الجواز. ثم قال: أو المراد من الكسوة تمويهها بالذهب والفضة، وهذا أشد نكرًا من جوابه الأول للإجماع على أنه لم يقع تمويهه بالذهب والفضة قط لا في الجاهلية ولا في الإسلام على أنه لو وقع فلا يقال: التمويه الكسوة لا لغةً ولا عرفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>