للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْىَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ». فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَىْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْىَ مِنَ النَّاسِ.

ــ

القِران الَّذي أشير إليه في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] لأنه ذكر في الحديث بعد ذِكر التمتع أنَّه أهل بالعمرة ثم أهلَّ بالحج.

فإن قلت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوّلًا مفردًا لما تقدم من رواية عائشة: خرجنا وما نرى إلا الحج، فكيف صح قوله: فأهَلَّ بالعمرة ثم بالحج؟ قلت: مراده أنَّه بعد إدخال العمرة على الحجّ أهل أولًا بالعمرة؛ اهتمامًا بشأنها، ترغيمًا للمشركين الذين كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور.

(وليقصر) -بضم الياء وتشديد الصاد- وإنما لم يذكر الحلق لأن التقصير في التحلل. (فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله) وهذا حجة على أبي حنيفة في حمله قوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] على الرجوع من عرفات (فطاف بالصفا سبعة أطواف، ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتَّى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر، وأفاض بالبيت).

فإن قلت: كيف قضى حجه ولم يكن طاف بالبيت؟ قلت: أجاب بعضهم بأن معنى قوله: قضى حجه، أي: وقف بعرفة، قال: وإنما قلنا ذلك لأنّ الطَّواف من أركانه، وقد عطف عليه. هذا كلامه، وليس بشيء؛ فإن قوله: ولم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى

<<  <  ج: ص:  >  >>