للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩١٥ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ، حَتَّى يُمْسِىَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا أَعِنْدَكِ طَعَامٌ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ، فَأَطْلُبُ لَكَ. وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ. فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِىَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ). طرفه ٤٥٠٨

ــ

١٩١٥ - (قيس بن صرمة) بكسر الصاد (فغلبته عيناه) أي: نام، وإنما عبّر عن النوم به لأنّ أثر النوم يظهر في العين (فلما رأته) أي: نائمًا (قالت: خيبةً لك) نصب على المصدر بفعل يجب حذفه؛ دعت عليه بالحرمان عن الأكل الذي كان طلبه، وهذا دليل على أنه لم يكن الأكل مشروعًا بعد النوم مطلقًا (فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ}) الوقاع، وإذا جاز الوقاع جاز الأكل من باب الأَولى، (ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧]) الآية الأولى دلت على رفع الإثم بعد النوم بإطلاق الليل، وهذه الآية إلى استمرار الحل إلى ذلك الوقت.

وما يقال: لما كان دلالة الرَّفث على جواز الأكل والشرب من طريق المفهوم نزلت الآية الثانية، ليدل عليها بطريق المنطوق، ليس بشيء؛ لأن ذلك إنما يكون في مفهوم المخالفة؛ وأما مفهوم الموافقة فهو أولى بالحكم من المنطوق، فأي حاجة إلى ما يدل بالمنطوق، قال ابن الحاجب: مفهوم الموافقة: التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ ولذلك كان في غير المنطوق أولى، وكذا ما يقال: المراد بالآية الثانية من قوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} هو قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} لا غير؛ لأنَّه إنما يصح لو كان نزل من الفجر معه، وسيأتي في الباب بعده أن نزول قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} كان مقدمًا على قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] بمدّة، فكيف يطلق ويراد به ما لم ينزل معه، قال شيخنا: كان بين نزول الآية ونزوله سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>