للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِى شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَالَ لَهُمْ لَا تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلاً، فَأَبَوْا وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ فَقَالَ لَهُمَا أَكْمِلَا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِى شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الأَجْرِ. فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَا لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِى جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ لَهُمَا أَكْمِلَا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، فَإِنَّ مَا بَقِىَ مِنَ النَّهَارِ شَىْءٌ يَسِيرٌ. فَأَبَيَا، وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ». طرفه ٥٥٨

ــ

فإن قلت: تقدم مرتين: "كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له إلى نصف النهار"؟ قلت: ذلك مثل مؤمني أهل الكتاب قبل نسخ شرائعهم قبل بعثة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ومثل أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والغرض بيان فضل هذه الأمة، وهذا التشبيه إنما هو لمن كفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد بعثه ومن آمن به؛ فإن من لم يؤمن به من أهل الكتاب بعد بعثته يحبط عمله السالف.

(واستأجر أجيرين بعدهم) هم النصارى.

(فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر) أي: مثل ذلك في القدر.

(فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتَّى غابت الشَّمس، فاستكملوا أجر الفريقين) أي: مثل ما كان شرط لهم، أي لكل فريق.

(فذلك مثلهم) أي: مثل المُؤْمنين (ومثل ما قبلوا من هذا النور) أي: الإيمان والإِسلام؛ فإن الكفر وكل بدعة ظلمة؛ والإيمان وكل سنة نور، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>