للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في قوله في كتمان الشهادة: {وَمَنْ يَكْتُمهَا فَإِنَّهُءَاثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] هذا كلامُهُ، وفيه خَلَلٌ من وجوه:

الأول: إخراجه أفعل عن أصله من غير ضرورة.

الثاني: أن المراد بالإخلاص هو ما يقعُ اسم الإخلاص عليه في الجملة احترازًا عن المنافق، وهو مقتضى قوله: "شفاعتي لأهل الكبائر".

الثالث: أن استدلاله بقوله: {ءَاثِمٌ قَلْبُهُ} عليه لا له؛ لأن ذكر القلب هناك إشارة إلى أن محلَّ الكتمان هو القلب، واللسان ترجمانُهُ ومثله هنا، فإن الإيمان محلّه القلب. ثم قال: "من قلبه" يجوزُ أن يكون متعلقًا بـ "قال"، وأن يكون متعلقًا بـ "خالصًا"، وإذا تَعَلَّق بـ قال وهو الأظهرُ يكون لغوًا. ولو تعلق بـ خالصًا يكون مستقرًا. وهذا أيضًا خبطٌ؛ لأنه متعلق بـ خالصًا لأنه فعل القلب المخصوص به، ولذلك ذكره معه، والظرف لغوٌ مثله لو تعلق بـ قال. وما يقال: إنه أفعل تفضيل، وهو على أصله؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع للكفار أيضًا، فلا يُعَوّل عليه، والاستدلال عليه بأنه شفع لأهل المحشر من المسلم والكافر، ليس بتامٍ، لأن ذلك للمؤمنين بالذات، وكذا الاستدلالُ بتخفيف العذاب عن أبي طالب، لأن ذلك مجازاة على إحسانه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا للشفاعة. كيف وقد نُهي عن الاستغفار له.

وسيأتي منا زيادةُ تحقيقٍ إن شاء الله.

وفي الحديث دليلٌ ظاهر لأهل الحق من جواز الشفاعة لأهل الكبائر على أن قوله: "قال من قلبه" معنى ركيك.

وفيه أيضًا أن الشيخ يُنَبّهُ الطالب على مقدار فهمه، ويُرَغّبه في طلب العلم، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي هريرة.

فإن قلت: من قال: لا إله إلا الله مرةً، يجب أن يكون أسعدَ من سائر الناس؟ قلت: لا يلزم، لأنا قلنا: المراد: الزيادة المطلقةُ، ولو حمل على ذلك لا إشكال؛ لأنه أحوج الناس إلى الشفاعة، فمن ذلك الوجه أسعدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>