للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قُلْتُ مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ قَالَ لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ. قَالَ قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِىَ تَبْكِى. قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ لَا أَدْرِى هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِى بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِى هُوَ فِيهَا فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِى مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ. فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِى قَالَ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَىَّ، فَقَالَ «لَا». ثُمَّ قُلْتُ - وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِى، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قُلْتُ لَوْ رَأَيْتَنِى، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِى فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ. فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ

ــ

(فصليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفجر، فدخل مشربته) -بفتح الميم وضم الراء- هي الغرفة. وهذا موضع الدلالة على الترجمة (فقلت لغلام أسود) اسمه: رباح (استأذن لعمر، فدخلت عليه، فإذا هو على رمال حصير) ضبطوه بضم الراء، وكلام الزمخشري يدل على أنه بكسر الراء، فإنه قال: الرمال كالخطام فعال بمعنى المفعول، يقال: رمل الحصير إذا نسج. وغرض عمر أنه لم يكن على الحصير فراش (فقلت وأنا قائم أستأنس) أي: أطلب أُنسه، وأشغله بالكلام، لعل أن يزول عنه الوحشة؛ ولهذا شرع يتكلم فيما يضحك على طريق الندماء (أهبة) -بثلاث فتحات- جمع إهاب -بالكسر- هو الجلد قبل الدباغ

<<  <  ج: ص:  >  >>