للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ) قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا) فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ

ــ

سورة الكهف وغيره. وقيل: يحتمل أن يريد بقية الليلة بعد ذلك اليوم الذي سارا جميعه. قلتُ: قول متقدم على الانطلاق الذي بعده ذكر الليلة واليوم إذا كان التقدير ذلك بتأخر النوم عن اليوم الذي سارا فيه، لأن بقية الليلة إنما يقال: إذا كان النومُ واقعًا بها.

({فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: ٦٤]) مفعول مطلق أي: يقصان آثارهما قصصا، وهو التتبع. (مُسَجَّى) بضم الميم وتشديد الجيم (أو قال: تَسَجَّى) -بفتح التاء- ماض على وزن تَفَعَل أي: تغطى، ومنه: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)} [الضحى: ٢] (فسلَّم موسى، فقال الخضرُ: وأنّى بأرضك السلام؟) فإنه لم يكن تحيةَ ذلك الخَلْق في ذلك القطر، فتعجب منه (فقال: أنا موسى) أزال استبعاده (على ساحل البحر) أي: شاطئه، من سحله قَشَره قال ابن دُريد: هو على القلب، لأن الماء قشره (فكلموهم فحملوهما) جَمَعَ الضمير أولًا باعتبار العدد، فإنهم كانوا ثلاثة نَفَرٍ، وثَنى ثانيًا لأن يوشع تابع وخادمٌ لموسى.

(فعُرف الخضر) لأنه كان مقيمًا يعرفونه بالصلاح (فجاء عُصفور) بضم العين، قيل: كان صردًا (فوقع على حَرف السفينة) أي: على طرفٍ منه (ما نَقَص علمي وعلمُك من علم

<<  <  ج: ص:  >  >>