للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْزِلاً». ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ الْمُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ». وَذَلِكَ أَنَّ بَنِى كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِى هَاشِمٍ أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يُئْوُوهُمْ. قَالَ الزُّهْرِىُّ وَالْخَيْفُ الْوَادِى.

٣٠٥٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى فَقَالَ يَا هُنَىُّ، اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ،

ــ

منزل) معنى هذا الكلام أن عقيلًا كان على دين قريش حين مات أبو طالب فلم يرثه عليٌّ ولا جعفر، ثم باع عقيل تلك المنازل.

فإن قلت: منازل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لعقيل أن يبيع شيئًا منها؟ قلت: الأمر كذلك ولكن تَصَرُّفُ عقيلٍ فيها، لم يرد إبطال ما فعله بعد أن آمن وأسلم.

فإن قلت: كيف دل هذا على الترجمة، وهي إذا أسلم قوم بدار الحرب ولهم أموال فهي لهم؟ قلت: أجابوا بأن عقيلًا لم يعرف قبل إسلامه سلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلامه ولم ينقض تصرفه، فبعد الإسلام من باب الأولى، وهذا شيء لا يدل عليه اللفظ، ولا هو صحيح في ذاته، وذلك أنا أشرنا إلى أن تصرف عقيل لم يكن على وجه الشرع، غايته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سامحه [بعد] الإسلام، ولم ينقض تصرفه.

وأجاب آخرون بأنه منَّ على أهل مكة، فإذا ملكوا منازلهم بالمنِّ وهم كفار، فلو أسلموا قبل الاستيلاء عليهم كانوا مالكين أيضًا من باب الأولى، وهذه الملازمة أيضًا غير مسلمة وهو ظاهر، بل الجواب أن المراد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأصحاب لما خرجوا من مكة -وهي دار الحرب- كانت الدُّور ملكًا لهم، وبخروجهم من مكة لم يزل ملكهم، وعليه يدل قول تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحشر: ٨] أضاق الدِّيار إليهم.

(بخَيف بني كنانة) -بفتح الخاء المعجمة- موضع بمنى والخيف لغة كل موضع ارتفع من مسيل الوادي ولم يبلغ أن يكون جبلًا (أن بني كنانة حالفت قريشًا) -بالحاء المهملة- من الحلف على طريقة الجاهلية، وسيأتي الكلام على هذا مستوفى إن شاء الله تعالى.

٣٠٥٩ - (أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعى هُنيًا) بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء مصفر، ويروى بالهمزة بدل الياء (والحمى) موضع يُحمَى عن الدَّواب لإبل الصدقة، فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده (اضمم جناحك عن المسلمين) تمثيل بحال الطائر، والمراد به عدم الظلم، وكف اليد عن إيذاء الناس كما يفعله غلمان الأمراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>