للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَدِ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَىَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا، فَقُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَالُوا فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهْوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِى الَّذِى لَقِيتُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكَ» فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهَ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَىَّ، فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ. فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِى، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلَاّ عَبِيدٌ لأَبِى فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجْنَا مَعَهُ. طرفه ٢٠٨٩

ــ

كالبردعة للحمار (فإذا شارفايَّ قد اجتُبَّ أسنمتهما) جمع سنام، أي: قطعت (وبقرت خواصرهما) أي: شُقَّت، والأشهر جبت، من الثلاي من الجبّ -بتشديد الباء- وهو القطع (فلم أملك عيني) كناية عن غلبة البكاء، والبكاء منه لم يكن على فوات الدنيا، بل إنه يقع تقصير في السرعة إلى الوصول إلى فاطمة رضي الله عنها (فقلت من فعل هذا؟ قالوا: حمزة ين عبد المطلب وهو في هذا البيت في شَرْب من الأنصار) -بفتح الشين وسكون الراء- جمع شارب، أو اسم جمع (فانطلقت حتى أدخل) بالرفع، والنصب أيضًا جائز، إن أريد ببيته ما قبل (عدا حمزة على ناقتي) -بعين مهملة- من العدوان (فاستأذن) أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأذنوا لهم) أي: له ولمن معه، وهما: علي وزيد بن حارثة (فإذا حمزة ثمل) على وزن فعِل -بكسر العين- أي: سكران غايته، ضد النشان (فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[على عقبيه] القهقرى) إلى جهة الخلف، وذلك لمّا علم أنه أثر فيه السكر، بحيث لا يدري الحسن من القبح، فربما يصيبه منه شيء يكره، وموضع الدلالة ذكر شارف الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>