للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَىْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ.

ــ

(كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب) أي: إذا أراد الاغتسال، والحِلاب -بكسر الحاء- إناء يسع حلبة ناقة، واتفق العلماء على أن البخاري وَهِمَ في هذا المقام، فإنه ظن أن الحِلاب نوع من الطيب، ولذلك عطف عليه الطيب في الترجمة، وأراد بعضُهم أن يعتذر له فقال: مراد البخاري بالحلاب الظرف لا الطيب. ولما توجه أن الحديث لم يذكر فيه إلا الحِلاب، فأين ذكر الطيب الذي ترجم عليه؟ أجاب بأن عقد الباب إنما هو لأحد الأمرين، ولذا جاء بأو الفاصلة دون الواو الواصلة. ولما توجه عليه أن لا مناسبة بين الظرف والطيب، قال: المناسبة كون كل منهما يقع في مبتدأ الغسل.

هذا محصّل ما سعى فيه، وكل ذلك خبطٌ منه.

أما أولًا: فلأن النسخ المعتمدة بالواو دون أو.

وأما ثانيًا: فلأن أو أشدّ إشكالًا من الواو، لأن التخيير إنما يكون بين أمرين بينهما مناسبة يصلح أن يكون كل منهما قائم مقام الآخر.

وأما ثالثًا: فلأن قوله: المناسبة بين الظرف وبين الطيب، كون كل منهما يقع به الابتداء سهو منه؛ لأن استعمال الطيب إنما يكون بعد الغسل. وأي فائدةٍ في استعمال الطيب، ثم غسله في الحال، ولعدم استقامة المعنى.

قال النووي: قال الأزهري: هو الجُلَاّب -بضم الجيم وتشديد اللام- معرب كتاب، أي: ماء الورد. هذا ما ذكروه. وأحسن ما يجاب به عن البخاري أنه أراد بالحلاب: الإناء. وإنما عطف الطيب عليه إشارةً إلى حديث عائشة كما سيأتي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تطيب لإحرامه فطاف على نسائه ..... فأشار بأو في الترجمة إلى أن كل واحد من البداءة بالماء أو الطيب ورد به الحديث. هذا على رواية أو، وأما على رواية الواو فلأن الواو لا تدل على الترتيب، فأيتهما بدأ كان حسنًا. وقوله في الحديث: (دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفيه) صريحٌ في أنه أراد أخذ الماء. فأنى يُتوهم أنه وهمَ فجعل الحلاب والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>