للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ " وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ

ــ

[الفرقان: ٢١]. (لَتَجَشَّمْتُ لقاءَهُ) لتكَلّفْتُ. وفي رواية مسلم: "أحببتُ" وما في البخاري أبلغ (حتى تخالط بشاشتُه القلوبَ) بنصب القلوب. ورُوي بشاشةَ القلوبِ بالإضافة على أن في تخالط ضميرَ الإيمان. قال ابن الأثير: البشاشةُ: الفرحُ والانبساط والأنس بالشيء.

(ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بَعَثَهُ مع دِحْيَة) بكسر الدال وفتحها. قال ابن السّكّيت: بكسر الدال لا غيرُ. وقال أبو حاتم: بالفتح لا غير- هو دحية بن خليفة الكلبي، كان أجمل الناس، وكان أكثر ما يأتي جبريل في صورته، ولعل ذلك ليكون أسهلَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: لأن دحية لغةً: رئيس الجُند، وجبريل رئيسُ الملائكة. وبُعْدُهُ لائحٌ على أنه يقتضي أن يكون دحيةُ اسمَ جبريل.

(بُصْرى) بضم الباء. مدينة بحوران.

(إلى هرقل عظيم الروم) لم يقل: مَلِك الروم؛ لأنه كان معزولًا عن المُلْك بعد ظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا حُكم لأحد على عباد الله إلَاّ مَنْ ولاه. لكن عظيم عند الروم. ذكَرَه بذلك ملاطفةً في الخطاب.

(أدعوك بدعاية الإسلام) مصدر كالشكاية. وفي رواية مسلم: "بداعية الإسلام" وهو أيضًا مصدر كالعافية. والمراد به كلمةُ التوحيد التي يدعى بها الناسَ إلى الله (أَسْلِمْ) بقطع الهمزة (تسْلَمْ) بفتح التاء من السلام جزم على الجواب (يؤتِك اللهُ أجرَك مرتين) لإيمانه بنبيّه قبل البعثة، وإيمانه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث الصحيح (وإن تولّيْتَ فعليك إثمُ الأريسيين) وروي يرسيين وروي بفتح الهمزة وكسرها. وهم الأكَّارون والرعايا، لأنهم أتباعُ الملوك، كما يُسمع في العُرف: الناسُ على دين ملوكهم. وفي سنن البيهقي: "وإلاّ عليك إثمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>