للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ». قَالَتْ فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَاّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِى وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّى، فَبَعَثَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، وَأَمَرَنِى أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِى مِنَ التَّنْعِيمِ.

ــ

وقال هنا: لما قدمنا مكة. قلتُ: أمرهم بقوله: "من أحب" وهم بسرف ولما توقفوا في ذلك أمرهم بمكة بعد الطواف والسعي حكمًا جازمًا.

(ومن كان معه هدي فلا يحل حتى ينحر) استدل به أبو حنيفة والإمامُ أحمد على أن المعتمر إذا كان معه هدي وقد تمتع بالعمرة إلى الحج لا يتحلل من عمرته حتى ينحر يوم النحر، وقال الشافعي: يتحلل بعد الفراغ من أعمال العمرة وينحر هديه وقال: هذا مختصر من حديث عائشة، وقد رواه مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان معه هدي فليُهل بالحج مع العمرة".

قال بعضُهم: فإن قلتَ: قد يتحلل الشخص بعد انتصاف ليلة النحر، فلم جعل غايته النحر، أو وقته وهو بعد طلوع الشمس يوم النحر، وأجاب بأن المراد من التحلل الكليّ الذي يجوزُ معه الجماع. هذا كلامُهُ. وخبطهُ ظاهر، وذلك أن الشافعي يجوز ذبح الهدي بعد انتصاف ليلة العيد.

قال الرافعي: ويدخل وقت الرمي والحلق والذبح والطواف بانتصاف ليلة النحر. وإنما نشأ غَلَطُهُ من وقت التضحية، فإنه بعد ارتفاع الشمس، بل بعد الصلاة.

(فحضت) أي: استمر الحيضُ؛ لأن ابتداء حيضها كان بسرف كما تقدم.

فإن قلتَ: ترجم على كيفية إهلال الحائض ولم يرو في الحديث كيفيته؟ قلت: علم من الحديث أن حال الحائض حال الطاهر إلا في الطواف.

وفقه الحديث جواز إحرام الحائض بالحج والعمرة؛ فإن عائشة كانت أولًا معتمرة، ثم لما بدأ بها المانع استمرت على ذلك عسى أن تطهر قبل الوقوف فلما لم يتيسر لها ذلك أدخلت الحج على العمرة، وصارت قارنة كما سَبَقَ تحقيقهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>