للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا، قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ، فَقَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ». فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى، فَوَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّى أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِىَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ. قِيلَ لِلأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلَاتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ. وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِى بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى قَائِمًا. طرفه ١٩٨

ــ

فذكرنا المواظبة على الصلاة) أي: المداومة عليها ورعاية وقتها (مروا أبا بكر فليصل بالناس: فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف) القائل حفصة بنت عمر كما سيأتي صريحًا، والأسيف: شديد الحزن والبكاء (إذا قام مقامك) لا يقدر على القراءة وإسماع الناس من البكاء (قال: إنكن صواحب يوسف) أي: مثلهن تشبيه بليغ يحذف منه أداة التشبيه، والوجه فيهما الدعاء إلى الباطل.

فإن قلت: من كان صواحب يوسف؟ وإلى أي باطل دعونه؟ قلت: صواحب يوسف اللاتي قلن له: أطع مولاتك، ولهذا قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: ٣٣] وقيل: لما عاتب النسوة امرأة العزيز أردن بذلك أنها إذا تركته يدعونه لأنفسهن، وهذا خلاف ما في الآية الكريمة (فوجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خفة في نفسه فخرج يهادى بين رجلين) هذا موضع الدلالة على ما ترجم. التهادي: التمايل، يهادى: يمشي مع التمايل من شدة الضعف (كأني أنظر إلى رجليه تخطان الأرض) لعدم قدرته على رفعهما (أن مكانك) نصب على الإغراء أي: الزم مكانك، وأن مفسرة لأومأ (أتي به حتى جلس إلى جنبه) أي: الأيسر كما في الرواية بعده (والناس يصلون بصلاة أبي بكر) ليس معناه أنه كان إمامًا لهم بل كان مبلغًا لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان جالسًا لم يره أكثر الناس (رواه أبو داود) الطيالسي (وأبو معاوية) أي: الضرير محمد بن خازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>