للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ.

ــ

قاله ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وقال: كان عمره في الحديبية سبع عشرة سنة.

فإن قلت: سواء كان هذا أو ذاك وكل منهما غني عن التزكية فما وجه القول بأنه غير كذوب؟ قلت: أجاب الخطابي بأن هذا ليس من تزكية المشكوك في صدقه بل إنما يذكر مثله ليتمكن في النفس مبالغة في تحقيق العلم، نظيره قول أبي هريرة: سمعت خليلي الصادق المصدوق.

فإن قلت: كان المناسب أن يقول: ليس بكاذب لأن نفيه يستلزم نفي الكذوب دون العكس؟ قلت: أجاب بعضهم بأن من كذب في حكم من أحكام الشرع الباقية إلى يوم القيامة فهو كذوب بشيء، لأن قوله: ليس بكذوب نفي للكذب عنه مطلقًا سواء كان في الحكم الشرعي أو غيره ولأن الكذوب معناه لغة كثير الكذب لا من كذبه ذنب عظيم.

والحق في الجواب أن الكذب عند أهل الحق: الكلام الذي لا يكون واقعًا في نفس الأمر، والإنسان لا يخلو عن الكذب وإن كان من غير قصد فإذًا لا يصح نفي الكذب عنه رأسًا بل إنما نفى عنه كونه كذوبًا. وعندي له وجه أحسن وهو أن الكذب قد جاء بمعنى الخطأ في الكلام، قاله ابن الأثير وأنشد قول ذي الرمة:

ما في سمعه كذب

أي: ما أخطأ سمعه، ومثله في صلاة الوتر: كذب أبو محمد مسعود بن زيد قال بوجوب الوتر اجتهادًا فمعنى كذب أخطأ، وقول عروة لما قيل له: إن ابن عباس يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبث بمكة بضع عشرة سنة كذب أي: أخطأ فعلى هذا قوله: غير كذوب معناه قليل الخطأ في الرواية، وهذا مناسب للمقام غاية المناسبة رافع لكل ما يتكلفون له.

(إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره) -بضم النون وكسرها- يقال: حنوت وحنيت بمعنى، ومعناه إمالة الظهر إلى نحو السجود وفي رواية مسلم: "لا يحنو أحدكم ولا يعني".

<<  <  ج: ص:  >  >>