للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ. [الحديث ٣٤ - أطرفاه في: ٢٤٥٩، ٣١٧٨].

ــ

بالُ أقوامٍ يفعلون كذا" وليس بشيء؛ لأن لفظَ (من) عام. وغرضُ الشارع التنفير عن هذه الأخلاق لكل سامع من المؤمنين، وبهذا يسقط أيضًا ما قيل: أراد به المنافقين حقيقة، وكانوا موجودين في زمانه.

وأما ما يقال: إن النفاق نوعان، شرعي: وهو إظهار الإسلام، وإبطان الكفر. وعرْفي: وهو من خالف سرُّه العَلَنَ فيهما، لا يلتفت إليه إذ ما يخاطب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام لا يكون إلا شرعيًّا على أن لفظ المنافق إسلامي لم يكن في عُرفهم.

فإن قلتَ: ذكر في الحديث الأول: "آيةُ المنافق ثلاث" وفي الذي بعده: "أربعٌ" زاد على الأول: "إذا عاهد غَدَر" وفي الطريق الآخر زاد: "وإذا خاصَمَ فَجَرَ"؟ قلتُ: مفهوم العدد لا ينافي المنطوق عند القائل به.

فإن قلتَ: ما هذه الألفاظ؟ قلتُ: الكذب ضدّ الصدق، والوعدُ ضدّ إخلافه، والغَدْرُ ضدّه حفظ العهد، والأمانةُ ضدّها الخيانة، والفجور في الخصومة: الميلُ إلى الباطل.

٣٤ - (قبيصة) بفتح القاف وكسر الباء (سفيان) هو أبو عبد الله بن سعيد الثوري، نسبةً إلى جدّه الأعلى، قريشيٌ يلاقي نسبُهُ نَسَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إلياس بن مُضَر. كوفي أحدُ الأعلام في العلم والدين لا تأخذه في الله لومةُ لائم. كان بمكة مجاورًا، فأرسل منصور الدوانقي الخليفة الثاني العباسي الخشابين لينصبوا الخشب، وكان في تلك السنة عازمًا على الحج، وأراد أنه إذا جاء يصلبه لِما كان بلغه منه ما يكره، فكان يومًا مضطجعًا ورأسُه في حجْر فضيل، ورجلاه في حجر سفيان بن عيينة. فقالا: يا أبا عبد الله، لا تُشَمِّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>