للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم، عن عبد الحميد، عن مقسم. ثم لو تساوى رافعوه مع واقفيه لم يكن في ذلك ما يقدح فيه.

قال أبو بكر (١) بن الخطيب: اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفًا لجواز أن يكون الصحابي يسند الحديث مرة، ويرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويذكره مرة أخرى على سبيل الفتوى ولا يرفعه، فيحفظ الحديث عنه من (٢) الوجهين جميعًا، فقد كان سفيان بن عيينة (٣) فعل هذا كثيرًا في حديثه فيرويه تارة مسندًا مرفوعًا ويقفه مرة أخرى قصدًا واعتمادًا، وإنما لم يكن هذا مؤثرًا في الحديث ضعفًا مع ما بينّاه لأن إحدى الروايتين ليست مكذبة للأخرى، والأخذ بالمرفوع أولى لأنه أزيد كما ذكرنا في الحديث الذي يروى موصولًا ومقطوعًا، وكما قلنا (٤) في الحديث الذي ينفرد راويه بزيادة لفظ توجب حكمًا لا يذكره غيره أن ذلك مقبول والعمل به لازم، والله أعلم. انتهى.

فمن الجائز أن يكون ابن عباس رواه ورأه فحمله وأفتى به وكلاهما عند شعبة فحدث به على الوجهين، ويعضد هذا أنه قال عن الحكم رواه لي مرة مسندًا ومرة موقوفًا، وحَمْلُ هذا على أن يكون روى ذلك كله عن علم وثبت أولى من حمله على أن يكون وهم في أحدهما.

وقد رواه سعيد بن عامر عن شعبة فقال فيه: عن الحكم، عن عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس قوله، ثم قال شعبة: أما حفظي فمرفوع وقال فلان وفلان: إنه كان لا يرفعه، فقال له بعض القوم: يا أبا بسطام، حدِّثْنا بحفظك،


(١) الكفاية (٤١٧).
(٢) في الكفاية على بدل من.
(٣) في الكفاية يفعل.
(٤) انظر الكفاية (٤٢٤ - ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>