للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافٍ لقوله: "سجلًا من ماء أو دلوًا من ماء"، وتحمل "أو" ها هنا على الشك، إذ لا معنى فيه للتنويم ولا للتخيير ولا للعطف، فلو كان الراوي يرى جواز الرواية بالمعنى اقتصر على أحدهما إذ هو المقول أو الأخر الذي في معناه. فما تحرج وتردد في التفرقة بين الدلو أو السجل، وهما بمعنىً علمنا أن ذلك التحري طلبًا لموافقة اللفظ، قاله شيخنا القشيري (١). ولا يخلو من اعتراض فإنه إنما يتم له ذلك لو اتحد المعنى في السجل والدلو لغةً لكنه غير متحد، فالسجل الدلو الضخمة المملوءة، ولا يقال لها فارغة سجل لكن دلو، ذكره ابن سيده. ففي السجل زيادة الضخامة والملء عن ما في لفظ الدلو، فلو جاء بها صغيرة غير مملوءة لصدق عليها الدلو، ولا يصدق السجل حتى توجد الضخامة والملء والله أعلم.

وقد وقع في بعض ألفاظ الحديث: "أهريقوا عليه"، وفي بعضها: "صبوا عليه"، فيجوز أن يكون أحدهما تعبيرًا عن أمره - عليه السلام - لا حكاية للفظه، وهو حجة على المختار في علم الأصول، لأن علمه باللغة وأوضاع الكلام مع عدالته (٢) مقتضٍ لمطابقة ما حكاه للواقع، وأما احتمال كونه اعتقد ما ليس بأمر أمرًا فبعيد.

وفيه تعيين الماء بإزالة النجاسة، وقد تقدم الكلام فيه في حديث أسماء بنت أبي بكر: "ثم اقرصيه بالماء"، في باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب، وهناك ذكرنا أن للعلماء في ذلك ثلاثة مذاهب:

فمنهم من ذهب إلى أن غير الماء من المائعات الطاهرة مستعمل في رفع الحدث وإزالة النجس كالماء.


(١) الإمام (ل / ٦٣).
(٢) عند ابن دقيق العيد مع ديانته بدل عدالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>