للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس انتفاء القضاء بدليل الخطاب بأولى من إيجابه بمفهوم الخطاب، ويكون من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا وجب القضاء على الناسي مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه فأولى أن يجب على العامد.

وقد ذكر في الاحتجاج لمن قال بوجوب القضاء على العامد وجوه منها: التمسك بعموم قوله: "من نسي صلاة"؛ أي: من حصل منه نسيان، قالوا: والنسيان هو الترك سواء اقترن به ذهول أو لم يقترن، يدل عليه قوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم}؛ أي: تركوا معرفة الله وأمره فتركهم في العذاب.

ومنها قوله: "فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها"، والكفارة إنما تكون عن الذنب غالبًا، والنائم والناسي بمعنى الذاهل ليس بآثم، فيتعين العامد لأن يكون هو المراد.

ومنها: "أقم الصلاة لذكري"، أي: لتذكرني على أحد التأويلات.

ومنها: وهو أقوى ما سبق؛ أن القضاء يجب بالخطاب الأول، فإن خرج وقت العبادة لا يسقط وجوبها إذ هي لازمة في ذمة المكلف كالديون، وإنما يسقط العبادة فعلها أو فقد شرطها، ولم يحصل شيء من ذلك، وهو أحد القولين لأهل الأصول.

السابعة: قضاء النوافل، لأنه - عليه السلام - ركع ركعتي الفجر في الوادي وركعهما أصحابه كما في أحاديث الباب قبل هذا.

وقد اختلف العلماء في ذلك ففيه قولان للشافعي:

أحدهما: يستحب قضاؤها؛ لعموم الأمر بقضاء الصلاة المنسية، ولفعله عليه السلام ذلك غير مرة في سنة الظهر التي قضاها بعد العصر وفي سنة الصبح.

والثاني: لا يستحب.

وإلى الأول ذهب أحمد وداود وهو قول أشهب وعلي بن زيد وأصحاب مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>