للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وسمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة ويسمى محبس (١) الماء بِركة، والمبارك ما فيه ذلك الخير، وقوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ}، {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} كل ذلك تنبيه على اختصاصه بالخيرات المذكورات مع تبارك وتبارك اسمك إشارة إلى اختصاص اسمائه تعالى بالبركات.

الخامسة: الجَدّ: قال أبو القاسم الراغب: الجد قطع الأرض المستوية ومنه جد في سيره يجد جدًّا وكذلك جد في أمره وأجد صار ذا جد، وتصور، ومنه جددت الأرض القطع الجرد فقيل جددت الثوب إذا قَطعته على جهة الإصلاح، وثوب جديد أصلة المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث إنشاؤه قال تعالى: {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} إشارة إلى الرجعة الثانية وذلك قولهم: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} وسمى الفيض الإلهي جدّا قال تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} أي فيضه وقيل عظمته وهو يرجع إلى المعنى الأول وإضافته إليه على سبيل اختصاصه بملكه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أي لا يتوصل إلى ثواب الله تعالى في الآخرة بالجد إنما يتوصل إليه بالجد في الطاعة، قال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} انتهى.

وقوله - عليه السلام -: "وتعالى جدك" هو {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} فما قيل هنالك مقول هنا.

السادسة: الهمز وقع في الحديث تفسير بماذا، ولم يقع تفسير الهمز ما هو؟

قال الراغب: الهمز كالعصر يقال همزت الشيء في كفي ومنه الهمز في


(١) هذا ما ظهر لي من قراءة هذه الكلمة.
والبركة: الحوض، أو مستنقع الماء، كما في "القاموس".

<<  <  ج: ص:  >  >>