للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه حديث أنس الذي رويناه من طريق الدارقطني ثنا إسماعيل الصفار ثنا العباس بن محمد ثنا العلاء بن إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: ثم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه. قال الدارقطني: تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد وأما حديث عبيد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الجمل" فقد ذكرنا تضعيف عبيد الله بن سعيد والصحيح من ذلك حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: "وليضع يديه قبل رجليه"، كما ذكرناه من طريق أبي داود والنسائي والدارقطني.

وفي الباب حديث سعد بن أبي وقاص الذي صححه ابن خزيمة وجعله ناسخًا لوضع اليدين قبل الركبتين كما عكس أبو محمد بن حزم فجعل حديث أبي هريرة في وضع اليدين قبل الركبتين ناسخًا لا خالفه ولا يصلح شيء من ذلك أن يكون ناسخًا لغيره.

أما حديث سعد فلضعف يحيى بن سلمة، وأما حديث أبي هريرة فإن أبا محمد قال: لو كان فيه بيان وضع الركبتين قبل اليدين لكان ذلك موافقًا لمعهود الأصل في إباحة كل ذلك ولكان حديث أبي هريرة واردًا بشريعة زائدة رافعة للإباحة السابقة بلا شك ناهية عنها بيقين وليس تحت كلام أبي محمد هذا طائل وليس فيه أكثر من أن الدلالة القولية مقدمة على الدلالة الفعلية إذا تعارضتا.

فتلخص من هذا أن أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح من حيث الإسناد وأصرح من حيث الدلالة إذ هي قولية ولما تعطيه قوة الكلام من التهجين في التشبيه بالبعير الذي ركبته في يده فلا يمكنه تقديم يده على ركبته إذا برك لأنها في الاتصال بيده كالعضو الواحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>