للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"توضَّأْ كما أمرك الله" فأحاله على الآية، وليس فيها غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء.

الثاني: أنَّ الأمر وإن كان ظاهره الوجوب، إلا أنَّه انصرف عن الظاهر بقرينة ودليل؛ القرينة ها هنا قائمة في صرفه عن الوجوب لأنَّه - عليه السلام - علَّلَ بأمرٍ يقتضي الشك، وهو قوله: "فإنَّه لا يدري أين باتت يدُه".

والقواعد تقتضي أنَّ الشكَ لا يقتضي وجوبًا في الحكم إذا كان الأصل المستصحب على خلافه موجودًا (١).

والأصل الطهارة في اليد فليستصحب، واعتبار هذه العلَّة ظاهر خلافًا لمن قال من الظاهرية (٢) وغيرهم (٣) أنَّ الأمر بذلك للتعبد فهذه علَّة نص [الشارع] عليها.

غير أن المعلِّلين بها اختلفوا هل ذلك [للنظافة] (٤)، أو خشية النجاسة، كما أشار إليه القاضي أبو بكر بن العربي (٥).

فالذين علَّلوا بتوقع النجاسة قالوا: إنَّهم كانوا يستنجون بالأحجار غالبًا ومعلوم أنها لا تستوعب الإنقاء؛ فربما وقعت اليد على المحل في حالة العرق فتنجست، فإذا وضعت في الماء نجّسته، لأن الماء المذكور في الحديث هو ما يكون في الأواني التي


= باب ما جاء في وصف الصلاة، والنسائي في سننه كتاب "الأذان" (٢/ ٣٤٩ / برقم ٦٦٦) باب الإقامة لمن يصلي وحده. وابن ماجه كتاب "الطهارة" (١٥٦١ / برقم ٤٦٠) باب ما جاء في الوضوء على ما أمر الله تعالى.
(١) انظر "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (١/ ١١٠ - ١١١ مع حاشية الصنعاني).
(٢) كابن حزم في "المحلى" (١/ ٢٠٧).
(٣) كمالك انظر "فتح الباري" (١/ ٣١٨).
(٤) يقتضيها السياق وفي المخطوط ت تصحفت فجاءت فيه للنضافة.
(٥) بل صرح بذلك في "عارضة الأحوذي" (١/ ٣٨) ولعله أشار إلى ذلك في موضع أو كتاب آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>