للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مالك يقول -في مسح الرأس-: يبدأ بمقدَّم رأسه، ثم يذهب بيديه إلى مؤخَّره، ثم يردَّهما إلى مقدَّمه، على حديث عبد الله بن زيد.

وكذلك يقول الشافعي، وأحمد، وكان الحسن بن حيٍّ يقول: يبدأ بمؤخر الرأس.

وقوله: "فأقبل بهما وأدبر"، تفسيره: أنَّه كلام خرج على التقديم والتأخير، كأنَّه قال: فأدبر بهما وأقبل، لأنَّ الواو لا تُوجِب الرُّتبة.

وإذا احتمل الكلام التأويل كان قوله: "بدأ بمقدَّم رأسه، ثمَّ ذهب بهما إلى قفاه"، تفسير ما أشكل من ذلك.

قلت: وأرفع التأويل (١) من هذا أن يُحْمَل: "أقبل" على البداءة بالقبل، "وأدبر" على البداءة بالدبر؛ فيكون من باب تسمية الفعل بابتدائه، وهو أحدُ القولين لأهل الأصول في تسمية الفعل هل يكون بابتدائه أو بانتهائه.

ثمَّ روى أبو عمر (٢) من طريق أبي داود حديث المقدام بن معدي كرب قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ، فلمَّا بلغ مسحَ رأسه، وضع كفيَّه على مقدَّم رأسه، فأمرَّهما حتى بلغ القفا، ثم ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه".

وروى معاوية "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ مثل ذلك" سواء (٣).

وأمَّا قولُ الحسنِ بن حيٍّ: "يبدأ بمؤخَّر رأسه"؛ فسيأتي في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى.


(١) ساقطة من ت.
(٢) في "التمهيد" (٢٠/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٣) "التمهيد" (٢٠/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>